هناك العديد من المعوقات التي تقف حجرة عثرة في وجه التعليم الإلكتروني في الدول العربية ومنها:
-
التساؤل التالي هل
يجدر للمرء استثمار وقته وماله في التعليم الإلكتروني في الوطن العربي؟ هناك
الكثيرون ممن يعارضون ذلك، كما يوجد بعض المعلمين و العاملين بالمجال الأكاديمي و الذين
يساورهم الشك بشأن القيمة التي يساهم فيها التعليم الإلكتروني في مجال التعليم. فضلا
عن ذلك، إن أسهم و تكاليف هذا الابتكار عالية، و حدوث الجدل المتوقع حول حقوق الملكية الفكرية و مسائل الخصوصية و الأمان
على الشبكة العالمية:
-
من أهم المعوقات التي
تقابل مستقبل التعليم الإلكتروني في الوطن العربي هي عدم علم أغلب الطلاب بمفهوم التعليم الإلكتروني فكيف
يكون للتعليم الإلكتروني مستقبل في الوطن العربي و طلائع المستقبل لم يكن
لديهم فكرة عن هذا التعليـم.
-
تشير البيانات للعام
2007 إلى أن دول المنطقة العربية تستحوذ على 38,2 مليون مستخدم للإنترنت بما نسبته 2,6%
من الإجمالي العالمي الذي بلغ 1467 مليون مستخدم بنهاية عام 2007، و هي نسبة محتشمة جدا.
2- تجارب
بعض الدول العربية في مجال التعليم الإلكتروني:
الأردن:
تم إطلاق مبادرة التعليم الإلكتروني في العام 2002 كجزء من مشروع تطوير التعليم نحو
الإقتصاد المعرفي التي تهدف إلى توفير التعليم الإلكتروني على مستوى المدارس و
مستوى الجامعات و بمسارين متوازيين، و قد حقق الأردن إنجازات مهمـة على هذا الصعيد
بالتعاون مع شركة "سيسكو" و عدد من الجهات الحكومية و الهيئـات الدولية
و منظمات المجتمع المدني، فقد ربطت أكثر من 1200 مدرسة من أصل 3200 مدرسة حكومية بشبكة المدارس
الوطنية و أنشأت مخابر الحواسيب في أكثر من 2500 مدرسة منذ إنطلاق المشروع و على مستوى الجامعات تم ربط جميع الجامعات
الخاصة و العامة باستثناء واجدة بشبكة ألياف ضوئية ووصلها بشبكة التعليم الوطني
و التي ساهمت في توفير التعليم عن بعد في بعض الجامعات.
الإمارات
العربية المتحدة: في الإمارات العربية المتحدة لا تزال
وزارتا التربية والتعليم العالي متأخرتين في وضع استيراتيجية التعليم الإلكتــروني
على مستــوى المدارس و الجامعات الحكومية،
إلا أن التعليم الإلكتروني معتمد في الإمارات العربية المتحدة من جهات حكومية أخرى
و كذلك على مستوى القطاع الخاص، و هو موجه للقطاع التعليمي الأكاديمي و كذلك لقطاع الشركات و سوق العمل و خاصة في إمارة
دبي، و ممن أمثلة ذلك مبادرة التعليم الإلكتروني التي أطلقتها أكاديمية
"إتصالات" و توفر مجموعة من التخصصات المتعلقة بالعلوم الإدارية و الإشرافية و البرمجيات و
تكنولوجيا المعلومات،
أما معهد الإبتكار التقني في جامعة زايد فيوفر بعضا من البرامج التعليمية عبر
الانترنيت، حيث يمكن للدارسين الوصول إلى تلك البرامج و إجراء التدريبات من دون
الحاجة للحضور للمعهد.
المملكة
العربية السعودية: تستخدم أساليب
التعليم الإلكتروني في جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة، و لديها أكبر مكتبة
إلكترونية في المملكة تحتوي على 16 ألف كتاب إلكتروني، ووقعت وزارة التعليم العالي
في أواخر عام 2006 مع شركة ميتيور الماليزية عقد تنفيذ المرحلة التأسيسية الأولى
للمركز الوطني للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد، الذي يهدف إلى إيجاد نواة لحضانة
مركزية للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد لمؤسسات التعليم الجامعي و توحيد جهود
المؤسسات الساعية لتبني تقنيات هذا النوع من التعليم. و يغطي العقد المرحلة
التأسيسية الأولى من مشروع المركز الوطني للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد
لمؤسسات التعليم الجامعي في المملكة، و يتنفذ على ثلاث مراحل رئيسية هي تصميم
نظام إدارة التعليم الإلكتروني و تدريب 1500 موظف و أكاديمي على نظام إدارة
التعليم و أكثر من 1000 متدرب على مهارات التعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد، و بناء
المنهج الإلكتروني.
أن التعليم
الإلكتروني تعليم يواكب روح العصر الذي نعيشه، عصر التطورات التكنولوجية و العلمية
المدهشة، فهذا النوع من التعليم يعتمد على التقنية التكنولوجية الحديثة من جهاز
كمبيوتر و شبكة إنترنت و غيرها... و هو بهذا الشكل يتيح فرصة للتعليم بأعظم الفوائد و
أقصر وقت و أقل تكلفة ممكنة، و منه ظهرت الحاجة إليه من طرف العديد من الدول ومنها
الدول العربية، و تتمثل ملامح هذه الحاجة في مواجهة الضغط المتزايد للطلاب على
الجامعات العربية، وتعزيز دور التعليم العالي العربي في تنمية صناعات المعرفة من
خلال التعليم الإلكتروني... غير أن التعليم الإلكتروني في الدول العربية
يصطدم على أرض الواقع بالعديد من المعوقات، كما أن تجارب بعض الدول العربية في هذا
المجال لا تزال حديثة العهد و محتشمة.
كيفية مواجهة التحديات
التكنولوجية للتعليم في الوطن العربي:
من
الضروري تكرار القول بأن العرب الآن لم يكونوا النظرة الصحيحة إلى مسألة التكنولوجيا وإلى إمكانية نقلها قبل التوصل إلى إمكانية ابتكارها محلياً
فلا تزال نظرة العرب إلى التكنولوجيا بأنها عبارة عن انتقال الآلات والمعدات من العالم الصناعي
المتقدم مع الخبراء والفنيين إلى الأقطار
العربية وبالتالي يسود الاعتقاد بأنه يمكن شراء كل هذه الأمور بالأموال إذا ما
توفرت وهذا ما يؤكد أن العرب شعوباً وحكومات لا يزالون على حد تعبير أحد الباحثين
العرب المهتمين بالموضوع يعيشون في حالة (جاهلية أو أمية تكنولوجية ) وبأننا بحاجة
حقاً إلى جهد تنوير اجتماعي كبير وعملية محو أمية تكنولوجية لمجتمعاتنا كما أن العرب لا يزالون يخلطون بين العلم
والتكنولوجيا ويظنون أن التقدم الكمي في المجال الأول زيادة عدد المدارس والطلاب
الخريجين يؤدي بالضرورة وتلقائياً إلى تقدم تكنولوجي بنفس المستوى والوتيرة ) .
إن أول
ما يحتاجه العرب في هذا المجال وفي غيره من المجالات هو ثورة فكرية قيمة تغير نظرة
الإنسان العربي إلى نفسه وإلى علاقته بالمجتمع وبالكون بحيث يتحرر من كل الأغلال
الفكرية والمادية التي حجمت عقله وقدرته على الإبتكار منذ القرن الحادي عشر
الميلادي وبالأخص منذ بداية الاحتلال العثماني وتتمثل هذه الثورة الفكرية في جعل
الإنسان أثمن وأنبل ما في هذا الوجود .... القيمة العليا , ويتطلب الأمر كذلك
إنشاء نظام تربوي يجسد هذه القيمة العليا ويضيف إليها منذ سن مبكرة للطفل روح
المبادرة والإبداع وحب العمل المتقن والانتظام والمنهجية العلمية العقلانية وغيرها
التي تخلق الإنسان القادر على التعامل مع متطلبات التنمية الشاملة والتغلب على
تحدياتها الهائلة ويتطلب الأمر قبل هذا وذاك حكومة وقيادة تؤمن أيمانا راسخاً بهذه
القيم وتعمل على تثبيتها في النظام التربوي وفي تعاملها مع الناس بحيث تظهر واضحة في تعامل الناس فيما بينهم على شتى
المستويات التثقيفية والاقتصادية والاجتماعية, فقط بعد بروز مثل هذه القيم يصبح
بإمكان الدول العربية الدخول في المراحل الأولى من الثورة العلمية
-التكنولوجية , إذ من الملاحظ أنه ما من
دولة في العالم تقدمت في يومنا هذا إلا بعد أن نجحت في إحداث ثورة قيمية في
مجتمعاتها . وكما لاحظ بحق أحد الباحثين العرب فإن الأيديولوجية الحديثة ليبرالية
كانت أو ماركسية موصولة وصلاً عضوياً بمنهجية علمية. وعلتنا الأيديولوجية الرئيسية
كعلة أكثر المتخلفين هي أن تعبيراتنا الأيديولوجية غير موصولة بعد وصلاً علميا
خلاقاً بمناهج علمية حديثة ولذلك تبدو أيديولوجيتنا وكأنها لاهوت جديد...
فالتخلف هو في جوهره تخلف عقلي وخلقي
منهجي ... وتحول(العقل العربي ) نحو المنهج التجريبي لا يقطعه عن ماضيه أو عن ذاته
بل يصله بأحسن ما في الماضي من أصول منهجية علمية تجريبية كما جسدها بوضوح العلماء
العرب في زمان جابر بن حيان .
وإذا كان
من غير الممكن للعرب أن يحققوا تطور في أي مجالات الحياة الهامة دون تحقيق الثورة
القيمية التي تكلمنا عنها , فمن الضروري القول أن مثل هذه الثورة لا تأتي في فراغ
. بل لا بد من توفر قاعدة اقتصادية تكنولوجية مناسبة لكي تخلق الطلب على هذه
الثورة القيمية , إذا جاز التعبير .
إلا أنه
لا يمكن خلق مثل هذه القاعدة الوطنية في غياب القيم المناسبة و وهنا تبدو بوضوح
الحلقة المفرغة أو المأزق الذي تعيشه الدول العربية والكثير من الدول النامية
الأخرى. وهي تحول عبثاً الخروج من وضعها البائس الحالي , ومن هنا نفهم لماذا جاءت
نتائج الانقلابات والثورات وتجارب التنمية والعمل العربي المشترك التي عرفتها
الدول العربية خلال العقود الثلاثة الأخيرة(حتى كتابة المرجع) مخيبة للآمال ولا تتناسب
على الإطلاق مع الأمانات المادية والبشرية المتاحة ولا مع طموحات الشعوب العربية
والتي وصلت اليوم إلى نقطة تكاد تفقد معها كل طموحاتها .
بانتظار الظروف الموضوعية التي تسمح بإحداث الثورة
القيمية المطلوبة كل ما يستطيع المرء أن يقترحه في مجال تحسين الوضع التكنولوجي
العربي الحالي لا يمكن أن يتعدى مستوى
الجزئيات التي وإن كانت عاجزة في حد ذاتها عن إنقاذ المركب العربي من الغرق فإنها
قادرة على المساهمة في تأخير لحظة الغرق ريثما تتوفر ظروف مناسبة لإحداث نهضة
عربية شاملة قادرة على إنقاذ المركب العربي وبناء أساطيل جديدة بكاملها .